السبت، 24 نوفمبر 2012

لذلك نكره إسرائيل

هذه المقالة ستحاول عرض أهم الدوافع الأيديولوجية التي تدعوا العرب و المسلمين  لكره إسرائيل و التعليق عليها من وجهة نظر الكاتب. المقالة ستعرض دافعين رئيسين لكره إسرائيل قبل أن تعرض الدافع الذي يتبناه الكاتب. 

1-إسرائيل دولة يهودية:

الكثير من العرب و بالخصوص المسلمين منهم يكره إسرائيل و يعاديها لأنها دولة يهودية. هذه العداوة المبنية على أساس ديني تنظر إلى إسرائيل باعتبارها دولة دينية يهودية خاضت حروبا مع دولٍ إسلامية و نكلت بشعب مسلم. هذا الأساس في نظري يصطدم بمشكلتين في مرحلة التطبيق.

المشكلة الأولى: إسرائيل ليست دولة يهودية بالكامل.

 نعم صحيح أن غالبية السكان تعتنق الديانة اليهودية لكن هناك ديانات متعددة في اسرائيل. بحسب إحصاء 2008 فإن أكثر من 15% من سكان إسرائيل هم من المسلمين. أيضا هناك أكثر من 153 ألف مسيحي إسرائيلي و كذلك أكثر من 120 ألف درزي.


المشكلة الثانية: اليهود لا يدعمون إسرائيل بالضرورة.

 المؤيدون لجماعة ناطوري كارتا يرفعون الأعلام الفلسطينية (رويترز)
 هناك الكثير من اليهود الذين لا يدعمون دولة إسرائيل. تشير إحدى الدراسات بأن حوالي ثلث اليهود الأمريكيين لا يعتبرون الإهتمام لشأن إسرائيل شيئا مهما للشخص اليهودي. هذا يوضح بأن هناك شريحة كبيرة من اليهود لا تهتم لشأن إسرائيل و لا تعتبر الإهتمام لأمرها جزء من الهوية اليهودية. بل الأمر يتجاوز عدم الإهتمام لأمر إسرائيل و يصل إلى حد التصريح بكراهية إسرائيل و مساندة الشعب الفلسطيني عند بعض الجماعات اليهودية كما تفعل ذلك جماعة "ناطوري كارتا" و هي جماعة يقودها بعض رجال الدين اليهود الذين يعارضون بشدة وجود دولة إسرائيل و يدعون لزوالها .

بالنظر للمشكلتين السابقتين، لا أعتقد أن كره اليهود يصح أن يكون الدافع لكره إسرائيل لأن في هذا التوصيف افتراض بأن كل الإسرائيلين يهود و بأن كل اليهود إسرائيليين و هما افتراضان تقدم إيضاح عدم صحتهما.


2-فلسطين أرض إسلامية تاريخيا و ليس لليهود حق فيها:

هذا الدافع لكره إسرائيل يختلف عن الدافع السابق لكونه ينظر إلى الجانب التاريخي من الصراع. المتبنون لهذا النهج يقولون بأن فلسطين كانت تحت الحكم الإسلامي قبل أن يحتلها اليهود و المسلمون يمتلكون حقا تاريخيا فيها. في الحقيقة هذا المبرر هو نفسه الذي استعمله المسيحيون لشن حملاتهم الصليبية على المسلمين ما بين القرنين الحادي عشر و الثالث عشر ميلادي. المؤيدون للحملات الصليبية كانوا يقولون بأن الأرض المقدسة (فلسطين) كانت تحت الحكم الروماني المسيحي قبل أن يدخلها المسلمون في عهد الخليفة الإسلامي الثاني عمر بن الخطاب. معاداة إسرائيل لأنها دولة يهودية ليس لها حق في فلسطين يعني بأن المسيحين أيضا قد يقولون بأن لهم حق تاريخي في فلسطين. ليس فقط فلسطين، بل إنه سيكون لهم حق في أغلب الدول الإسلامية في الشام و شمال إفريقيا التي كانت خاضعة لحكم الدولة الرومانية بالتالي لا يصح أن يكون عداؤنا لإسرائيل مبنيا على هذا الأساس.


3-إذا لماذا نكره إسرائيل؟

قبل الخوض في هذه النقطة يجدر التنويه بأن هذه المقالة لا تحاول أن تخلق سببا من العدم لكره إسرائيل.لا أعتقد بأن البشر يجب أن يكرهوا بعضهم البعض، أعتقد أيضا بأن البشر يجب أن لا يلجؤوا إلى العنف في حل مشكلاتهم. أؤمن إيمانا كاملا بأن الناس إذا ما امتلكوا الإرادة الصادقة فإنهم يستطيعوا حل مشاكلهم بالتفاهم و التآخي بدلا من الكراهية و الصراع.

هذه المقدمة ضرورية لفهم السبب الذي يجعلني أكره إسرائيل. أنا لا أكره إسرائيل لأنها تعتنق المذهب اليهودي أو لأن فلسطين يجب أن تبقى تحت الحكم الإسلامي، أنا أكره إسرائيل لأنها دولة تتم إدارتها من قبل عصابات إجرامية لا تتوانى عن الإجرام في كل يوم بل في كل لحظة. فلو أردنا أن نتغافل عن التاريخ الأسود الإجرامي الذي قامت على أساسه هذه الدولة، و أردنا أن نغفر لهذه العصابة ما اقترفته من مجازر و تهجير و تعذيب لكفانا ما تقوم به الآن من حصار الشعب الفلسطيني في غزة. هذا الحصار الجوي و الأرضي و البحري على سكان غزة و منع الأدوية و المواد الأساسية من دخول قطاع غزة ما هو إلا دليل صارخ و شاهد حي على بشاعة هذه الدولة و تجبرها. الصليب الأحمر على سبيل المثال لا الحصر ندد بهذا الحصار الغاشم متهما السلطات الإسرائلية  بتعطيل مرور الأدوية الأساسية و مستلزمات الحياة اليومية إلى القطاع. بالإضافة إلى هذا الحصار الهمجي فإن السلطات الإسرائيلية قد قطعت أوصال ما تبقى من فلسطين ببنائها ما أسمته بالجدار الفاصل الذي يحيط بالضفة الغربية و يقتطع أراض فلسطينية شاسعة. هذا الجدار الذي جعل التنقل بين كثير من المناطق الفلسطينية مهمة عسيرة تمت إدانته من قبل منظمات إنسانية عدة من بينها المنظمة الحقوقية الإسرائيلية "بيتسيليم" التي قالت بأن الجدار يقوم بإعاقة التنمية الإقتصادية في كثير من المناطق الفلسطينية حيث يقوم بتقطيع أوصال الأراضي الزراعية للفلسطينيين. إن دولة تقوم على أساس قهر شعب آخر هي في الحقيقة دولة لا تستحق أدنى درجات الإحترام. إن الدولة التي لاتحترم الإتفاقيات و لا المعاهدات هي من يهدد السلم في العالم و ينشرالكراهية فيه.

هل هذا يعني أنه يجب علينا طرد كل الإسرائيلين المتواجدين في فلسطين؟ أعني بالإسرائيلين هنا كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية و منهم من ولد على هذه الأرض و لا يعرف غيرها وطنا. هل لهؤلاء الحق في العيش في هذه المنطقة؟ و هل يحق لأبناء المهجرين الفلسطينين الرجوع إلى أرض آبائهم؟ هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن تبحث و يوجد لها حلا. لكن ما دامت إسرائيل تتصرف بهذه الطريقة التكبرية فإنه لن يتمكن أحد من طرح الأسئلة الصحيحة فما بالك بإيجاد الأجوبة الصحيحة. أنا لا أكره إسرائيل لأني عربي تمت هزيمته في معركة سابقة أو إسلامي يريد أن يرجع "الحكم الإسلامي" الذي تمت تنحيته. أنا أكره إسرائيل لنفس السبب الذي يجعلني أكره اللصوص و القتلة و الغاصبين الحقوق. لهذا السبب أكره إسرائيل.

==========================
المراجع
BBC Arabic. 2012. منظمة حقوقية إسرائيلية: الجدار الفاصل يسبب الأذى للفلسطينين  [Online]. Available at: 
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/11/121105_btselem_report_wall.shtml

CBS. 2009. STATISTICAL ABSTRACT OF ISRAEL 2009. [Online]. Available at: http://www.cbs.gov.il/reader/shnaton/templ_shnaton_e.html?num_tab=st02_02&CYear=2009

Global Jewsish Advocacy. 2012. AJC 2012 Survey of American Jewish Opinion [Online]. Available at: [http://www.ajc.org/site/apps/nlnet/content3.aspx?c=ijITI2PHKoG&b=846741&ct=12208961

HAARETZ. 2009. Red Cross: Israel trapping 1.5m Gazans in despair [Online]. Available at: http://www.haaretz.com/news/red-cross-israel-trapping-1-5m-gazans-in-despair-1.279044

الأربعاء، 7 نوفمبر 2012

بعضا من المال

وظيفة الكبار هي سرقة الأحلام. اليوم عادت بي الذكرى لأيام المدرسة، في اللحظة التي صارحت فيها صديقي بأنني تخليت عن حلمي القديم لأنه يبدو صعب المنال و قررت استبداله بحلم آخر أكثر واقعية. أخبرته بأنه يصعب على المرء أن يصبح وزيرا هذه الأيام من دون واسطة ما، و بأنني قررت بدلا من ذلك أن أختار حلما لا أحتاج فيه إلى شئ و لذلك قررت أن أنشئ مصنعا وطنيا للسيارات، تحمس صديقي للفكرة  ثم اكتشفنا لاحقا بأن مصنع السيارات لا يختلف كثيرا عن الوزير فهو أيضا يحتاج لشئ  من عالم الكبار، مصنع السيارات يحتاج إلى المال .. الكثير من المال.

المال. لا أعلم لمذا يسمى بهذا الاسم. ربما لأن أول من اهتم لأمره "مال" إليه و ترك الناس ثم مال الناس معه. المال هو ما يريدك الكبار أن تفكر فيه. هو الحلم الوحيد الذي سيسمحون لك باتخاذه. تتنازل عن أحلامك واحدا تلو الآخر و يصبح همك هو الحصول على تلك الترقية أو ذلك المنصب. يقول لي طالب الطب، في صغري كنت أريد أن أصبح جراحا لأني كنت أستشعر عظمة هذه المهنة و نبلها أما الآن فكل ما أريده هو مسكن لائق و سيارة محترمة و الجراحة ستحقق لي ذلك. اللعنة على المال قاتل الأحلام.

يجلس مع صديقه حول طاولة أحد المطاعم المزدحمة في فسحة الغداء، يبدأ الحديث ب "وش الجديد؟" و ينتهي بلعن تخصصهم الجامعي. لم يكونا كذلك أيام الجامعة، كانت هوايتهم تبادل المقالات حول تخصصهم، كانت الساعات تطوى و هما يتبجحان أمام رفقاهم حول أهمية ما يدرسانه مثلهم مثل الكثير من الطلاب الحالمين. أما الآن فهما يلعنان نفس التخصص الذي كانا يفتخران به. التخصص لم يتغير و لكن المال هو من تغير. هما لا يلعنان التخصص بقدر ما يلعنان الأحلام التي تكسرت على باب المال و لم يفتح لهم.

لعله المال الذي جعل إيمانويل كانط رتيبا حتى التخمة. كان الفيلسوف الألماني هو أول الفلاسفة العظام الذين امتهنوا الفلسفة كمهنة. كان الرجل الذي لم يغادر المقاطعة التي ولد فيها طيلة حياته صاحب روتين صارم حتى قيل بأن جيرانه كانوا يضبطون ساعاتهم على جدوله اليومي. أهو المال الذي يجعل المرء هكذا؟ لا أعلم ربما. و لعله هذا ما جعل الفيلسوف الألماني الآخر شوبنهاور  ينتقد اتخاذ الفلسفة كمهنة. ربما أدرك بأن السعي وراء المال يحرق الأحلام و الفلسفة بدورها تحتاج إلى الحالمين الطموحين.

عشرون، ثلاثون،أربعون؟ كم هو عدد السنين التي يجب أن يقضيها الإنسان و هو يقوم تقريبا بنفس العمل يوما بعد يوم؟ نحن البشر أُعطينا القدرة على التعود، عندما نتعود تصبح الأمور أسهل و بالتالي نستطيع أن نستثمر مجهوداتنا على أمور أكبر، لكننا بدلا من ذلك نتعود كي لا نحتاج إلى أن نبذل أي مجهود. نقطة قوة البشر هي ذاتها نقطة ضعفهم. هل يتحتم علينا أن نصبح آلات تكرارية صماء. نعمل طيلة الشهر ليقوم صاحب العمل بوضع الزيت في مفاصلنا نهاية الشهر على شكل "مال" حتى نكرر العمل شهرا آخر؟ سنة أخرى؟ عقدا آخر؟ لو كان بإمكاننا لفعلنا ذلك عمرا آخر مادام المال لا يتوقف و مادام الجسد لا يتأفف.

الخميس، 25 أكتوبر 2012

معاً للنقد من أجل النقد

يُعَرف لسان العرب النقد على أنه تمييز الدراهم و إخراج الزيف منها. يعني أن النقد هو عملية تهدف في المقام الأخير إلى التفريق بين الدراهم الحقيقية و المزيفة. هذا في ما يتعلق بالجانب اللغوي للكلمة، أما من الجانب العلمي و الأدبي فإن مصطلح النقد يعني تحليل النص أو الفكرة بهدف التقييم. فنقد الشيوعية مثلا يعني عرض فكرة الشيوعية ثم تحليلها و بالتالي إيجاد مميزاتها و عيوبها. هذا يعني ان النقد ليس سوى وضع الشئ تحت المجهر و التدقيق فيه ثم الحكم عليه.

يهذا يتبين أننا نقوم بالنقد بشكل اعتيادي في حياتنا اليومية و إن لم نسميه نقدا. عند اختيارنا للمطعم مثلا، فإننا نقوم بتمييز المطاعم و استبعاد الغير ملائم منها و اختيار الأفضل منها بناءً على أولوياتنا. عملية النقد هذه قد تشوبها بعض الشوائب التي قد تمنعنا  من اختيار الأفضل. أحد هذه الشوائب هو نقص المعلومات فالشخص الذي تنقصه المعلومة لن يكون نقده دقيقا. في مسألة المطعم، لو كنا مثلا نريد مطعما يقدم صنفا معينا من الأطعمة و لكننا لا نعلم بأنه يوجد مطعم يقدم هذا الصنف في مدينتنا فإن ذلك سيجبرنا على الذهاب لمدينة أخرى. بالتالي فإن عملية النقد لم تقم بوظيفتها على أكمل وجه بسبب نقص المعلومة. تضارب المصالح أيضا قد يؤثر على عملية النقد. لو كان أحد الحاضرين يمتلك مطعما ما فإنه قد يحاول التأثير على البقية للذهاب إلى مطعمه الذي قد لا يحقق بالضرورة أولويات الحاضرين.

هذه نقطة مهمة فهي تبين بأن عملية النقد يجب أن تكون لهدف الوصول للأفضل و أن أي هدف غير ذلك يجعلها عملية عبثية ترقيعية. أي أن النقد حتى يكون ناجحا عليه أن يكول لأجل النقد ذاته و ليس لأجل تلميع فكرة مسبقة أو تبرير فعلٍ تم العزم على فعله من قبل. لذلك فإني و بكل ثقة أقول نعم للنقد من أجل النقد و لا للنقد الترقيعي.

السبت، 8 سبتمبر 2012

الغزالي و التردد بين الشك و اليقين


عادة يحاول الإنسان  في حياته الابتعاد عن الغموض و عدم المعرفة. يمكن تقسيم تعامل الناس مع حالة الغموض و عدم المعرفة إلى قسمين، إيجابي و سلبي. و ليس المقصود بإيجابي هو حسن و سلبي هو سئ. بل المقصود بالإيجابية هو المبادرة و بالسلبية هو الثبات. يعرف المهتمون بالرياضة هذا التقسيم فاللعب الإيجابي يعني الهجوم و الأخذ بزمام المبادرة بينما اللعب السلبي يعني الدفاع و الحفاظ على النتيجة.

من الجانب الإيجابي، رغبة الإنسان في التخلص من الغموض تحثه على البحث عن المعرفة و تحصيلها بغية تقليص مجال الغموض. كل ما نراه من حضارة إنسانية إنما هو نتاج نفور الإنسان من حالة الغموض و عدم المعرفة هذه إلى التعلم و البحث. الإيجابية تأتي مقترنة بعدم التسليم للواقع بدون مناقشة و حساب، أي أن الإيجابي يدقق و يمحص قبل قبول اعتقاد ما. في أقصى حالاتها تؤدي الإيجابية في التعامل مع عدم المعرفة إلى التشكيك المطلق و عدم التصديق بأي حقيقة، كما فعلت بعض المدارس الفلسفية عندما أنكرت وجود الدليل. و كذلك الكثير من اللادينين يقولون باستحالة اثبات أو انكار وجود الخالق لأن الدليل غير كافٍ لذلك. تجدر الإشارة إلى أن الإيجابية لا تعني بالضرورة الإلحاد و اللادينية، بل إنها تعني بأن الإيمان يأتي عن طريق المناقشة و البحث. و الموضوع ليس مختصا بالأديان، فالإيجابية في العلوم الأخرى تعني مناقشة النظريات و البراهين قبل الوثوق بها.

أما من الجانب السلبي فإن نفور الإنسان من حالة الغموض قد يدفعه للركون إلى الوضع الحالي و الإيمان به بغية عدم الوقوع فريسة لحالة عدم اليقين و الشكوك. أي أن الإنسان سيحاول الإلتفاف على حالة الغموض و عدم الإنشغال بها. في الحالات القصوى، تؤدي السلبية في التعامل مع حالة الغموض إلى  إنكار كل ما هو مخالف أو عدم الإلتفات إليه حتى لا يدخل المرء في التشكيك المقلق و متاعبه.

الجانب الإيجابي يؤدي إلى التغيير الدائم و ازدهار العلوم الإنسانية بينما يؤدي الجانب السلبي إلى الحفاظ على المنجزات و صيانتها.

يتذبذب الإنسان في مواقفه بين السلبية و الإيجابية. قد يتخذ الإنسان موقفا إيجابيا من قضية ما، فتراه يحقق فيها و يناقشها حتى إذا حدد موقفه منها ينتقل بعدها إلى السلبية فيتوقف عن النقاش فيها معتبرا أن ما توصل إليه هو الحق. لكن الحقيقة أنه لا يحب أن يبقى في معمعة الشك و التحري إلى الأبد. في هذا المجال، لعله من الملائم ذكر قصة الغزالي.

الغزالي و عدم اليقين


ولد أبو حامد الغزالي في القرن الخامس الهجري في قرية غزالة بمدينة طوس في ما يعرف الآن بإيران لعائلة صوفية. أقبل على دراسة العلوم الدينية منذ كان صغيرا ثم انتقل لخراسان و تتلمذ على يد الجويني المعروف بإمام الحرمين. يقول د. إبراهيم النجار عن الجويني "اشتهر عنه بتحكيم العقل و إتقان أساليب الجدل و عدم الإطمئنان إلى التقليد و هي نزعات نجدها أيضا عند الغزالي". الغزالي إذا كان مثل أستاذه الجويني يميل إلى الإيجابية في تعامله مع الغموض.

تتضح هذه الإيجابية أكثر لدى الغزالي عندما بدأ بالشك و أصبح لا يقبل أي برهان مهما كان لأنه شكك حتى في قدرة العقل على التحقق من البراهين. يقول الغزالي بأن الحواس لا تستطيع إدراك المعارف و يضرب مثالا على حاسة البصر فهي ترى الظل ثابت عندما تحدق فيه. و لكن العقل يوضح بأن الظل متحرك بدليل أنه لو نظر الشخص إلى الظل ثم عاد بعد ساعة و نظر مرة أخرى لرآه قد تغير. فقوة العين قاصرة عن إدراك المعارف و العقل هو القادر على ذلك. لكن الغزالي يعود ليشكك في قدرة العقل و يتساءل: ربما تكون هناك قوة أقوى من العقل و أن العقل في الحقيقة قاصر و نحن نظن بأننا ندرك الحقيقة و لكن في الحقيقة لسنا ندركها. و يضرب مثلا في حالة النوم فإن النائم يرى الحلم و يظنه حقيقة و لا يشكك فيه لكنه ما يلبث أن يستيقظ من منامه و يكتشف بطلان ما رأى. و هكذا يقول الغزالي بأننا لا نستطيع الاعتماد على العقل فهو مثل البصر و باقي الحواس قد يكون مخادعا.

ظل الغزالي على هذه الحالة محتارا زهاء شهرين. بعدها يقول الغزالي بأنه خرج من هذه الحالة و ابتعد عن حالة الشك لكن ليس بالبرهان و الدليل كما اعتاد أن يفعل و لكن بفضل ما أسماه نور قذفه الله في قلبه حيث يقول عن شفائه "ولم يكن ذلك بنظم دليل وترتيب كلام، بل بنور قذفه الله في الصدر". أي أن الغزالي جنح إلى الأساليب الصوفية ليحل هذه العقدة و يمكن وصف هذا الإنتقال من الإعتماد على المجادلة و البحث إلى الإطمئنان و الروحانيات بالانتقال من الإيجابية إلى السلبية.

لم يكتفي الغزالي بالسلبية في اعتقاده. بل إنه تطرف فيها و اتخذ موقفا حادا من الفلسفة و العلوم التي يستخدمها الفلاسفة كالمنطق. ألف الغزالي كتاب "تهافت الفلاسفة" و شن فيه هجوما لاذعا على الأساليب الفلسفية و فند آراءهم و لم يقبلها. وصل الإنتقاد في بعض الأحيان لمرحلة التكفير و هنا يتبين تطرف الغزالي في السلبية. فبتكفيره بعض الفلاسفة المسلمين كابن سينا و الفارابي يظهر أن الغزالي لا يحاول التحقق من آرائهم أو مناقشتها بل لدحضها و التخلص منها. في الواقع لم يتوقف الغزالي عند مهاجمة الفلاسفة بل إن نقده طال الكثير من الفرق الإسلامية الأخرى غير الصوفية. باختصار، كرس الغزالي جهده في محاربة كل ما هو ليس صوفي.

في نهاية المطاف، تجدر الإشارة بأن الغزالي لا يوصف بالسلبي فقط لأنه ينتقد مخالفيه، فالإيجابي أيضا قد ينتقد مخالفيه. إنما يكمن الفارق بأن الغزالي انطلق من أحاسيسه الروحانية كي يثبت موقفه و بالتالي فإن انتقاده لمخالفيه ليس لغرض البرهنة و البحث و إنما لغرض الحفاظ على سكينته النفسية و عدم الرجوع لحالة فقدان اليقين و التشكيك التي أصابته.

بيت القصيد


ليس الغزالي وحده الذي ينتقل من حالة البحث لحالة الحفاظ على المحصلة. كثير من قراراتنا اليومية و بالخصوص إذا كانت في مجال لا نعرف عنه الكثير تبدأ بالتحري و البحث و تنتهي بالثبات. ابتداءا من ماركة السيارة المفضلة إلى نوعية القهوة و حتى الفلم الأفضل. كلها قرارات غالبا ما تبدأ بالتجريب و التحري و تنتهي بالثبات. فالمتعود على نوعية القهوة لن يحاول غالبا بعد 10 سنوات البحث عن قهوة جديدة و العودة لنقطة الغموض مرة أخرى. و لو لاحظ المرء حياته اليومية و عاداته كيف اكتسبها لوجد بأن كمية كبيرة منها تبدأ بالإيجابية و تنتهي بالسلبية.

يبقى السؤال، هل الإيجابية أفضل من السلبية لأنها تحفز على البحث و المعرفة و تحسين الأوضاع؟ أم أن الراحة النفسية المتأتية من السلبية تستحق التضحية بالفرص التي قد تولدها الإيجابية؟

============================

المراجع:

-مدخل إلى الفلسفة لـ د. إبراهيم النجار. المركز الثقافي للنشر. 2012 




الأحد، 5 أغسطس 2012

مغرر بهم

في علم الاجتماع تعرف الجماعة عادة على أنها مجموعة من الناس الذين يتعرفون و يتفاعلون مع بعضهم البعض. هناك العديد من الطرق التي تستخدم لتعريف الجماعة فمثلا قد تستخدم اللغة (العرب، الفرنسيون، الإنجليز، الفرس) و قد يستخدم العرق (الأنجلوساكسونين، الزنوج، الأكراد) و قد يستخدم الدين لتعريف الجماعة من حيث إيمانهم بالأديان ، فيصبح لدينا جماعة (المؤمنين, الملحدين, المشككين, اللاأدريين) و أيضا نستطيع تعريف جماعات فرعية لكل جماعة، فلو أخذنا جماعة المؤمنين فبالإمكان تقسيمها (مسلمين، مسيحيين، يهود، مجوس، بوذيين ... الخ). هذا التقسيم يعتبر مبسط جدا فهو يأخذ بالاعتبار عاملا واحدا فقط (اللغة، العرق، الإيمان، الدين ... الخ)  و يقسم على أساسه الناس إلى جماعات مختلفة. يمكن أن نقول بأن عددا من الأفراد يمثل جماعة معينة إذا كانوا يشيرون إلى أنفسهم بطريقة جمعية، أي باستعمال "نحن". الفئات من المجتمع التي لا تعرف نفسها بهذه الطريقة لا ينطبق عليها مصطلح جماعة في علم الاجتماع و مثالها: فئة الرجال الذين يحبون مقابض الباب الدائرية، أو فئة النساء اللاتي تحب النوتيلا. هذه الفئات من المجتمع لا تمثل مجموعة بالعرف الاجتماعي و لو كان عددها كبير لأنها لا تعرف نفسها عادة بناءً على هذا العامل.

هناك العديد من الأسباب لتكون الجماعات، قد يكون أهمها بأنها تساعد الإنسان على الفهم، فمثلا الطبيب قد يتحاشى الحديث عن آخر الطرق لمعالجة السرطان إذا علم بأن الذي يتحدث إليه سائق شاحنة. ففي هذا المثال يعرف الطبيب مجموعة سائقي الشاحنات على أنهم غير مهتمين بالأبحاث الطبية و السرطان. تجدر الإشارة بأن الطبيب في هذه الحالة يقوم بعملية تعميم و ربط بين الوظيفة و الإهتمام و هذا التعميم و الربط  قد لا يكون صائبا.

يقول عالم النفس الاجتماعي هنري تاجفل و زميله جون ترنر بأن الجماعة بطبيعتها تميل إلى تضخيم ما يعتبره الأفراد إيجابيات الجماعة لإثبات بأنهم أفضل من الجماعات المختلفة عنها. هذه النزعة لإثبات بأن هذه الجماعة أفضل من غيرها نابعة من رغبة الأفراد للشعور بالرضا عن أنفسهم، يجادل الكثير من علماء النفس بأن الإنسان يحتاج للشعور بالرضا عن نفسه و الأمر نفسه ينطبق على الجماعات لأن الإنسان يعرف نفسه كمنتمي لها و ما يحدث لها ينعكس بالضرورة عليه، بمعنى أن تفوق الجماعة على جماعة أخرى يعني تفوق الفرد المنتمي إليها على الفرد المنتمي للجماعة الأخرى و يعني المزيد من الشعور بالرضا.

تتبع الجماعات الكثير من الأساليب لإبراز التفوق على الجماعات الأخرى أحد هذه الأساليب هو انتقاء عناصر المقارنة بحيث تبدو الجماعة أفضل من غيرها. في هذا المجال أتذكر مقطع  فيديو مؤلم انتشر بسرعة على الانترنت لفتاة في الصين تعرضت للدهس مرتين في شارع مزدحم بالمارة و لم يقم أحد بانقاذها لفترة طويلة مما أدى بالنهاية إلى وفاتها. شاهدت المقطع لأول مرة في إحدى المدونات العربية و كانت الكثير من التعليقات على المقطع تقول بأن الصينين امتلكوا التطور الاقتصادي و فقدوا الأخلاق بينما نحن (العرب، المسلمون) حافظنا على أخلاقنا و بأن هذا المشهد يستحيل حدوثه في جماعتنا.
هذه هي الحداثة والتقدم المزعوم ! التي تفقد الانسان انسانيته , وينحدر الي مراتب أقــل من الحيوان بكثير
فالتقدم والعلوم والاكتشافات والحضارات التي تبني دون انسانية ولا أخلاق
ماهيا إلا غابــــــــة يأكل فيها القوي الضعيف
هؤلاء لا ضوابط ولا ثوابت تحكمهم لتحافظ علي انسانيتهم واخلاقهم
فالحمد لله علي نعمة الاســــــــــــلام
عن نفسي لم أشاهد الفيديو تأففا من محتواه …..
أحد التعليقات على مقطع الطفلة الصينية.

بما أن الجماعة بطبيعتها تبحث عادة عن الشعور بالتفوق على الجماعات الباقية و بما أن هذا الشعور قد يكون متأصلاً في نفسية الأفراد المنتمين الى الجماعة، أي أنهم يؤمنون حقا بأن جماعتهم أفضل من غيرهم فإن الجماعة لا تتقبل فكرة انتقال شخص من المنتمين إليها إلى جماعة أخرى و في بعض الأحيان محاربتها. فإن ذلك يعني في نظرهم انتقال شخص من جماعة أفضل إلى جماعة أقل و أسوأ منها. القرآن يذكر مثل هذه الأحاديث فقوم نوح على سبيل المثال {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} فهم يصفون من اتبع نوحا بالأراذل و الأرذل هو الدون من الناس (معجم لسان العرب). بمعنى أن قوم نوح يتساءلون كيف تريدنا أن نؤمن و ننتقل إلى جماعتك الأقل منا رتبة؟ و في موضع آخر يتضح منطقهم عندما يقولون {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ} فهم هنا يصرحون بأنهم يرون أنفسهم (جماعتهم) أفضل من جماعة نوح و أنه ليس بأفضل منهم لذلك الانتقال في نظرهم إلى جماعة النبي أمرٌ ليس عقلانيا. و للتأكيد على عدم عقلانية هذا العمل فقد قالوا عن نوح بأنه مجنون {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ}. وصف النبي بالجنون يعطي تفسيرا يتلاءم مع أفكارهم السابقة بأنهم أفضل من غيرهم فيصبح  خروج النبي عليهم و تكوين جماعة منفصلة عمل لاعقلاني ناتج عن الجنون.

وصف الخارجين عن الجماعة باللاعقلانية ليس منحسرا على دعوات الأنبياء فهذه الظاهرة يمكن رصدها بسهولة في عصرنا و في مجتمعنا. أنا -على سبيل المثال- أعيش في مجتمع يمكن اعتباره أحد خطوط التماس لفرقتين دينيتين متصارعتين. في مثل هذه البيئة يصبح عادة المرور على خط التماس و الانتقال من جماعة لأخرى فعل يصعب تجاهله. يوصف المنتقلين من جماعة لأخرى بـ"المغرر بهم"، ترافق عملية الانتقال في بعض الأحيان وصف المنتقلين بالجهل أو الانخداع و تلقى التهمة في بعض الأحيان على عوامل دخيلة على الجماعة تحاول الإفساد عليها و التآمر. أيضا في مثل هذه البيئة يصبح وضع التائبين (الذين انتقلوا من جماعتهم ثم عاودوا الرجوع لجماعتهم السابقة) أمرا مثيرا للكثير من التكهنات. الرجوع إلى الجماعة الأصلية بعد الإنتقال منها يوحي بأن الجماعة المنتَقل إليها أقل شأنا من الجماعة الأصلية و بأن الإنتقال الأولي لم يكن عملا عقلانيا. و ذلك يعزز فكرة "المغرر بهم"

أيضا في موضوع الإنتقال من جماعة لأخرى، يُلاحظ بأن الجماعات الفرعية المتنافسة تلقي بتهمة الإنتقال من الجماعة الرئيسية على بعضها البعض. لنأخذ مثال الجماعة الإسلامية كجماعة رئيسية. هذه الجماعة الرئيسية يمكن تقسيمها إلى جماعات فرعية كثيرة منها (أهل الحديث، الإثنى عشرية، الأباضية، العلوية، السلفية، المعتزلة، الصوفية،...الخ ) جميع هذه الجماعات الفرعية تنتمي إلى الجماعة الكبرى و هي الإسلام. في حالة انتقال شخص من الجماعة الرئيسية (الإسلام) إلى جماعة دينية أخرى (النصرانية، اليهودية ...الخ) أو إلى جماعة إيمانية مختلفة (الإلحاد, التشكيك ....الخ) فإن هذه الجماعات الفرعية تقوم عادة بلوم الجماعات الفرعية الأخرى. فهذا هو رائد السمهوري صاحب كتاب "نقد الخطاب السلفي" يكتب قصيدة يلقي فيها اللوم على من يصفهم بالإرهاب و التكفير في موضوع الإلحاد:
يتساءلون: من المشكك في الهدى؟.. من أين تأتي هذه الهبات؟ 
 هبات إلحاد ولادينية .. عصفت بجيل مثله الزهرات؟
أنتم وربي أصل كل بلية .. إرهابكم والغدر والطعنات 
 أنتم تصدون العباد عن الهدى .. فالظلم تملأ ساحه الظلمات
ورفعتم التكفير سيفا مصلتا .. فوق الرقاب لكم به صولات
و هذا اللوم يطال باقي الفئات من الشيعة و الليبرالين و غيرهم. فكلما زاد التنافس بين جماعتين فرعتين في بيئة ما كلما زادت احتمالية لومها للطرف الآخر على حادثة الانتقال من الجماعة الرئيسية. كل هذ اللوم و تبادل الإتهامات يكرس فكرة الفوقية لدى الجماعة و بأن الخارج منها "مغرر به" مخدوع و يستبعد غالبا فكرة كون الخروج من الجماعة عملا عقلانياً.

في النهاية، كفرد عندما أعرف نفسي كمنتمٍ لجماعة اختيارية ما فإنه من الطبيعي أن أعتقد بأن هذه الجماعة تتفوق على غيرها، لكني في نفس الوقت أؤمن بأنني كائنٌ معرض للخطأ و بأن الخارج عن جماعتي قد يكون محقاً. هذا يقودني للابتعاد عن أسلوب قوم نوح برمي الناس بالجنون أو وصفهم بالأراذل و المغرر بهم لأنهم اختاروا لأنفسهم جماعة غير جماعتي.

=====================================
المراجع:
Cargun, D.& Cargun R. T. 2006. Introduction to Sociology. Wikibooks Available online at: http://www.e-booksdirectory.com/details.php?ebook=1063

Turner, J. & Oakes, P. 1986. The significance of the social identity concept for social psychology with reference to individualism, interactionism and social influence. British Journal of Social Psychology 25 (3): 237–252.





الجمعة، 3 أغسطس 2012

جحجاح!؟

و أنت تقرأ هذا السطر عزيزي القارئ بودي أن تعلم بأن كتابته جاءت بعد تسعة أشهر من التردد و التفكر و التأمل، في الواقع التسعة أشهر لم تكن مرتبطة بهذا السطر بالتحديد بل بإنشاء المدونة. فكنت-و لا زلت نوعاً ما- أعتقد بأنني لا أمتلك المقدرة على الكتابة الطويلة، و بمناسبة الحديث عن الكتابة الطويلة أحب أن أغتنم الفرصة لأشكر وزارة التربية و التعليم على تعليمي كيفية كتابة رسالة (اعتذار، عزاء، تهنئة) في الصف الرابع و الخامس و السادس وصولاً لثالث متوسط. كما أن الوزارة أحسنت صنعاً عندما لم تضف موضوع (رسالة شكوى) في المنهج. 

يكفي من الوزارة الآن، و لأعرج على السبب الثاني الذي جعلني أتردد في إنشاء المدونة و هو اعتقادي بأني لا أمتلك ما أضيفه للناس، و كنت أشعر بالذنب لأني سأضيع وقت القارئ في أشياء قد لا تفيده. 


إذا لماذا المدونة و أنت فاشل في الكتابة و العلم؟؟

السبب الذي جعلني أشرع في هذه المدونة هو نفسه السبب الذي كان يمنعني. بمعنى أنه لن تتحسن كتابتي إلا إذا بدأت بالكتابة و لن يزداد علمي بدون الحاجة إلى البحث. لذلك فإني آمل بأن تكون هذه المدونة سبيلا لتحسين مهاراتي الكتابية و دافعا لي للبحث و التطوير. فإن كنتَ، عزيزي القارئ، مثلي تفكر في الكتابة و لكن تواجهك هاتان العقبتان، فاعلم أنك لست وحيداً و أدعوك لمشاركتي هذه التجربة.


أخيرا، اسم المدونة هو جِحجَاج بكسر الجيم الأول و فتح الأخير تنطق مثل "مِضمَار" و تعني السيد الكريم، و لعلي أُفردُ لقصة اختيار (سرقة) الاسم تدوينة أخرى.